الحكواتي هي تلك الشخصية المشهورة في البلدان العربية بشكل عام و اللتي ، ترتدي قبعة أحيانا و تحمل عصا في يدها و نجدها على وجه الخصوص في المقاهي الشعبية أو في القوافل أو الحارات أو حلقات السمر و السهر ، واللتي يجتمع من حولها مجموعة من الشباب والأطفال و كبار السن لسماع القصص و الحكايات خاصة في شهر رمضان المعظم .
[ الحكواتي ]
الحكواتي أو مايعرف أيضا بالراوي أو القصاص هو شخص امتهن قديما سرد القصص و الحكايات في العديد من الأماكن مثل المنازل و المحال التجارية و المقاهي و على أرصفة الطرقات ، و كان الناس يحتشدون من حوله بأعداد كبيرة ، و كان لا يكتفي بسرد أحداث القصة بتفاعل دائم مع جمهوره فقط ، بل يدفعه الحماس في أغلب الأحيان لتجسيد دور الشخصية التي يحكي عنها بالحركة و الصوت .
الحكواتي في الزمن الماضي :
إن ما يميز حكواتي الأمس في مقاهي مدينة دمشق موطن شهرتها الأصلي ، النفحة من القيم و الفضائل التي كانت تتسم بها شخصيات رواياته ، على عكس ما تضخه في أيامنا هذه المحطات الفضائية و مقاهي الإنترنت من عادات غريبة ومنفرة للشباب .
و الحكواتي شخصية واحدة جسدها كثيرون على مر عقود من الزمن ، و هي مهنة عرفتها بلاد الشام منذ مطلع القرن التاسع عشر ، و حظيت بشعبية كبيرة جعلتها جزءا لا يتجزأ من التراث الشعبي في هذه البلاد ، كما اشتهرت مدينة دمشق شهرة كبيرة ب الحكواتي ، فلا يوجد مقهى من مقاهيها التراثية قديما الا و بها حكواتي ، حيث إن هذه الشخصية أصبحت من التراث الشعبي السوري في تلك المدينة و تاريخا عريقا لها ، و كان زوار دمشق يقصدون المقاهي المنتشرة في أنحاء المدينة للاستماع للحكواتي مثل قصص هذا الملك و ذاك القائد و الظاهر بيبرس و الف ليلة وليلة و عنتره و العديد من الروايات الأخرى .
الحكواتي في الزمن الحاضر :
تطورت شخصية الحكواتي في هذا الزمن بتطور المجتمعات ، و هذا شيء طبيعي للغاية ، و بالرغم من أنها لم تعد منتشرة بالصفة اللتي كانت عليها من قبل ، حيث كانت وسيلة تسلية جماعية و في الوقت نفسه وسيلة تثقيف و ترسيخ للقيم و الأخلاق التي تحلى بها أبطال القصص و الروايات التي كان يسردها الحكواتي ، إلا أنها بقيت تشد الناس إليها كما كانت في الماضي بالرغم من إنتفاء الحاجة إليها .
و لقد أصبحت اليوم رمزا ثقافيا كبيرا بالنسبة للبلدان اللتي إشتهرت بهذا النوع من المهن ، و صارت محل إهتمام خاصة في مجال السياحة ، إذ أن القائمين على شؤون هذا المجال أصبحوا يروجون لبلدانهم عبر شخصية الحكواتي اللتي تظهر في لباسها القديم الجديد و تجلب إنتباه العديد من الزوار الأجانب لتلك البلدان فضلا على سكانها المحليين .
[ طريقة الحكواتي في ]
يقول الباحث في التراث الدكتور طلال مجذوب أن عمل الحكواتي يتمركز بالأساس في المقاهي الشعبية ، وكان دائم الإستعانة بكتاب يصطحبه معه بشكل دائم، و يبدأ سرد الحكاية التي غالبا ما تكون عن شخصية تاريخية ، و تدور جميع أحداثها عن البطولة و الشجاعة و الشرف و المروءة و نصرة المظلوم .
وفي نهاية كل حكاية لا بد و أن ينتصر الخير الذي يمثله بطل الرواية ، ويبقي هذا الأخير جمهوره في تشوق دائم لمعرفة وقائع القصة أولاً بأول ، واذا ما طالت الحكاية لليال و أيام ، فانه كان يحرص على أن تنتهي أحداثها كل ليلة بموقف متأزم و البطل في مأزق حتى يحمس المتلقي و يجعله دائم التشوق لسماع بقية الأحداث و كيف سيخلص البطل نفسه من المأزق .
و ما يزيد في الحماسة و التشويق أنه كان يقوم بتجسيد شخصيات روايته و كلامهم بتحريك يديه و ترفيع صوته أو تضخيمه حسب ما إقتضت الحاجة لذلك .
أجرة الحكواتي :
كان الحكواتي يتقاض أجرته من صاحب المقهى الذي يتولى تحديد بدل الدخول إلى مقهاه بما في ذلك المشروبات ، و عما إذا كان هناك من خصوصية لهذه المهنة في شهر رمضان ، يقول الدكتور مجذوب :
” عمل الحكواتي كان يتواصل على مدار السنة ، لكن خصوصيته بالنسبة لشهر رمضان مرتبطة بان مواضيعه تتناسب مع الشهر الفضيل و القيم التي يمثلها، و هذه القيم عادة ما كان الحكواتي يتحدث عنها و عن فضائلها في رواياته و مجسدة بتصرفات أبطال هذه الروايات. كما أن الصائم بعد الصيام و التهجد و التعبد كان يحتاج إلى وقت للراحة و الترويح عن النفس، فكان يجد ذلك في جلسة الحكواتي ، لكن طبعاً بعد أن يكون أدى صلاة التراويح “.
إعادة إحياء هذه الشخصية من جديد :
أصبحت العديد من الدول العربية تقيم فعاليات و مهرجانات تهتم بشخصية الحكواتي في محاولة منها لإعادة إحياء هذا المخزون الثقافي لديها و للترويج له خارج حدود الوطن عبر الزوار الأجانب اللذين يأتون في أفواج للإطلاع على هذه الشخصية الفريدة من نوعها في الوطن العربي .
أشهر الشخصيات القديمة و الحديثة :
من أشهر شخصيات الحكواتي الموجودة في القرن الماضي ، حسب ماجاء به الباحث في التراث الدكتور طلال مجذوب ، نذكر :
- الحاج محمد الشقلي الحلبي من مدينة حلب ثم إنتقل إلى مدينة صيدا اللبنانية .
- الحاج عبد الرحمن في مدينة صيدا .
- الحاج إبراهيم في مدينة صيدا .
كما أشار الدكتور مجذوب إلى أن عائلة الحكواتي الموجودة حالياً في صيدا أصلها عائلة السروجي ، و أن فرعا من هذه العائلة اتخذ هذا الإسم بعدما عمل أحد أفرادها حكواتيا .
أما حديثا فلقد برزت العديد من الأسماء مثل :
- خالد نعنع ، فلسطين .
- رشيد حلاق ، مقهى النوفرة في دمشق .
- محمد باريز ، جامع الفنا في مراكش في المغرب .
- سيد رجب فرقة الورشة في مصر .
- حسن دردير محمد صادق دياب “جدة القديمة” في الحجاز .
[ وثائقي عن الحكواتي ]
و إليكم وثائقي من قناة الجزيرة وثائقية عن الحكواتى في مقهى النوفرة أشهر مقهى في دمشق .