من لا يتمنى أو يدعو أن ينال ما ناله القائد الفلسطيني فرحان السعدي وهل هناك أجمل من طول العمر بالعبادة والجهاد، وانتهائه بالشهادة صائماً لعل القائد الفلسطيني فرحان السعدي هو القائد الوحيد الذي حصل علي أعلى مراتب الشهادة والجهاد قبل النكبة.
إذا كان هناك من شهيد في عصرنا الحديث استشهد وهو صائم وفي رمضان، فإن القائد الفلسطيني فرحان السعدي كان صائماً حين أعدم وإذا كان استشهاد القسام أبرز سبب لأهم صفحة مجد في القضية الفلسطينية قبل النكبة، فإن القائد الفلسطيني فرحان السعدي الذي قاد القساميين بعده هو الذي فجر الثورة العربية الكبرى التي ما زال إضرابها الكبير مسجلاً في صفحات موسوعة غينيس، وهو الإضراب العام الذي استمر 172يوماً، ولم يحل الإضراب إلا بحيلة ارتكزت على وعد بتطبيق المطالب.
من هو القائد الفلسطيني فرحان السعدي:
ولد القائد الفلسطيني فرحان السعدي عام 1860م في قرية المزار من أعمال قضاء جنين في لواء نابلس في منتصف القرن التاسع عشر، وتلقى علومه الابتدائية، في كتاتيب القرية، ومدرسة جنين الابتدائية.إلا أنه كان مولعاً في شبابه بتلقي الدروس الدينية في المساجد، والاجتماع مع العلماء ورجال الدين، فأضفت عليه نشأته الدينية والعلمية مهابة واحتراماً في بيئته، ولما احتل الإنكليز فلسطين كان يعرف بين الناس بالشيخ فرحان ، وكان ممن اندفعوا لمقاومتهم، ومقاومة الصهاينة الذين زاد تدفقهم إلى فلسطين.
نشأتة:
عمل في الزراعة وقد ساءه التسلط العثماني فأخذ يعمل على فضحه وينادي باستقلال البلاد العربية. وحين احتل البريطانيون فلسطين واتضحت نواياهم العدوانية في غرس وطن قومي يهودي فيها أخذ يقاومهم ويقاوم الصهيونيين ويحث مواطنيه على مقاومتهم وعندما نشبت ثورة 1929 قاد مجموعة من المقاتلين في قضاء جنين أخذوا يهاجمون البريطانيين والصهيونيين حيثما وجدوهم، ثم قبضت عليه سلطات الانتداب البريطاني وحكمت عليه بالسجن ثلاث سنوات. وحين أطلق سراحه عاود نشاطه النضالي فانضم إلى حركة الشهيد عز الدين القسام وشارك في معركة أحراج يعبد (تشرين الثاني سنة 1935) التي استشهد فيها الشيخ عز الدين ونفر من أصحابه وقد نجا فرحان السعدي من الوقوع في يد القوات البريطانية.
علاقة فرحان السعدي بالقسام:
تتصل معرفة السعدي بالشيخ القسام إلى العهد العثماني، حيث التقى الاثنان في سورية أثناء وجوده هناك ضمن الجنود العثمانيين في الحرب العالمية الأولى. وفي البداية لم تكن شجاعته في الطريق القويم، بل كانت شجاعته في قطع الطريق والسطو، إلا أن الله منّ عليه بالتوبة.. وكان مشتهراً بفروسيته وشجاعته وكان يتقن صيد الغزلان وهو راكب على فرسه، واشتهر بقدرته على إطلاق النار ودقته في إصابة الهدف.
وفي عام 1925 انضم إلى الشرطة، وأنجز الكثير في مجال القبض على اللصوص، ورقّي إلى رتبة عريف. ثم قدم استقالته عام 1930. وأعفى لحيته وتفرغ للعبادة.
عمليات القائد الفلسطيني فرحان السعدي:
ما هي إلا أشهر حتى استعاد القائد الفلسطيني فرحان السعدي المبادرة، وبات يطارد مطارديه ورغم ما كان ينقصهم من المال والسلاح قاموا بالعملية الأولى بعد أن ظل السعدي ومحمود سالم مختفيين في الجبال فقد استطاعا تنظيم أعمال عسكرية ضد الإنجليز واليهود فاتحين بذلك الباب أمام الثورة، فكانت حادثة 15 نيسان 1936 التي نفذتها المجموعة القسامية بقيادة فرحان بين نابلس ونور شمس مؤذنة بعهد جديد في فلسطين.
والثابت تاريخياً حسب جميع المراجع أن الشرارة الأولى للثورة انطلقت في 15 نيسان 1936، عندما هوجمت سيارة إنجليزية ويهودية قرب سجن نور شمس والحادثة كما وصفتها الصحف الفلسطينية تتلخص في أن ثلاثة مجاهدين مسلحين هم فرحان السعدي، محمود سالم وداود الديراني وضعوا عشرة براميل زفته من التي تستعملها دائرة الإشغال العامة وسط الشارع بين بلعا وعنبتا، وحين تجمعت السيارات في الطريق بفعل الحاجز خرج المجاهدون لهم من بين المزروعات ملثمين.
واعتمد المجاهدون في هذه العملية تصفية اليهود والإنجليز فقط، وتجنب العرب، ولكنها أخذت من الجميع مالاً، بسبب ما تعانيه حركتهم من قلة المال.
استشهاد القائد الفلسطيني فرحان السعدي:
في 22/11/1937 هاجمت القوات البريطانية بيته في قرية المزار وألقت القبض عليه، وقدم لمحاكمة صورية حكم فيها عليه بعد ثلاثة أيام بالإعدام شنقاً وفي 14 رمضان سنة 1356هـ الموافق 27/11/1937م أعدم فرحان السعدي شنقاً في سجن عكا وهو صائم بعد أن رفضت سلطات الانتداب البريطاني تخفيف الحكم عليه أو تأجيل تنفيذه غير عابئة بالحملة العربية التي كانت من أجل إنقاذه وقد هز هذا التنفيذ مشاعر الشعب العربي الفلسطيني كافة وتألفت على الفور جماعة ثورية كبيرة تحمل اسم “إخوان فرحان”.